تتهم الولايات المتحدة وأوكرانيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتخطيط لشن حرب ضد كييف، وبات الغرب في حالة تأهب بعد أن قدّمت واشنطن تفاصيل مخيفة بشأن هجوم محتمل.
وبحسب وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، فإنّ تشكيل القوات ونشر أنظمة أسلحة متطورة والمناورات الروسية بقوات مظلية، كل ذلك يشير إلى دوامة من التصعيد، فيما تنفي موسكو هذه المزاعم وتتهم الغرب بـ “الهيستيريا”، فهل يخطط بوتين لمواجهة عسكرية؟
أمام الواقع المستجد على حدود أوروبا الشرقية وتحذيرات حلف شمال الأطلسي “الناتو” لموسكو من الإقدام على أي أنشطة عسكرية غير عادية، تشير تقارير ألمانية، إلى أنّ دفع روسيا بالجنود والدبابات على الحدود، واستخدام القاذفات الروسية التي يمكن أن تكون مزودة برؤوس نووية، إلى الابتزاز البيلاروسي للأوروبيين بدفع المهاجرين عمدًا إلى أراضيهم، بدعم من بوتين من المنظور الغربي، يؤشر إلى أنّ الصراع آخذ في الاحتدام مع روسيا وعلى عدة جبهات.
وفي خضم ذلك، أبرز موقع “تي أونلاين”، أنّ الجانب الروسي يعتبر تقليديًا أن الجمهوريات السابقة للاتحاد السوفييتي مناطق نفوذ روسية، وانضمام أوكرانيا إلى “الناتو” خط أحمر بالنسبة لروسيا وحماية شبه جزيرة القرم أساسي، وهي التي لها أهمية استراتيجية كبيرة كقاعدة لأسطول البحر الأسود الروسي، ومع اندلاع الحرب، يمكن لبوتين أن يصرف الانتباه عن المشاكل الاقتصادية وفشله في مكافحة جائحة كورونا.
في المقابل، هناك أسباب قد تلجم القيصر الروسي عن شن هجوم على الدولة المجاورة لبلاده، حسب الموقع، وفيها أنه لا يستطيع تحمّل حرب مع أوكرانيا الفوائد منها غير مجدية، والثمن سيكون باهظًا ومكلفًا والهجوم العسكري لن يكون حكيمًا، رغم يقين بوتين بأنّ “الناتو” لن يساند أوكرانيا عند بدء الحرب.
كذلك، فإنّ أي غزو روسي، وفق “تي أونلاين”، سيزيد العزلة الدولية على موسكو، ومن المحتمل فرض المزيد من العقوبات التي لا تستطيع تحمّلها بسبب وضعها الاقتصادي المضطرب، فضلًا عن أنّ الجيش الأوكراني أصبح أفضل تجهيزًا مما كان عليه في العام 2014 عند ضم شبه جزيرة القرم، بعد أن تم تزويده بأسلحة أميركية وتركية، ومواقعه على حدود دونباس محصّنة بشكل أفضل. وبشكل عام حاول الجيش الروسي دائمًا تعزيز الاستقرار على الحدود الحالية.
كما أنّ الهجوم على أوكرانيا يشبه المهمة الانتحارية لروسيا؛ لأنّ للولايات المتحدة على الأقل مصلحة استراتيجية في تصعيد الخطاب، ولا سيما أنّ الإدارة الأميركية تنتقد بشكل خاص اعتماد أوروبا على الغاز من روسيا، وأهمها خط أنابيب غاز “نورد ستريم 2” الألماني الروسي، عدا عن مطالبة أميركا لحلفائها في “الناتو” بمزيد من المسؤولية عن السياسة الأمنية. وعليه، إذا ما تسلّحت دول أوروبا الشرقية خوفًا من روسيا، فإنّ الولايات المتحدة ستكسب مرتين.
وخلص موقع “تي أونلاين”، إلى أنّ ألمانيا تتوقع بأن تكون لبوتين أسباب للتصعيد وليس الحرب، رغم توخيها الحذر من حرب مفاجئة، والشعور بالقلق في ظل الاستفزاز الخطير في شرق أوروبا، من دون أن يغفل الإشارة إلى أنّ “الخطير” أيضًا ما تثيره الإدارة الأميركية من مخاوف، حيث نشرت وسائل إعلام أميركية مثل “بلومبيرغ”، ما مفاده بأنّ على الغرب أن يتحرك الآن “قبل فوات الأوان”.
والحرب ليست حتمية أبدًا، يرى الموقع الألماني، إنما التظاهر بذلك يزيد من احتمالية حدوثها، مع ما تلقيه بثقلها الاستخبارات الأميركية من مزاعم، ما وضع الغرب في حالة توتر، مع وجود ما يقرب من مائة ألف جندي ودبابة على الحدود الروسية الأوكرانية.
في المحصلة، تشير التحركات إلى الكثير من “الاستفزاز السياسي” المتعمّد من جانب روسيا، وهناك أمر واحد واضح، هو أنّ استراتيجية بوتين “محفوفة بالمخاطر”، وأي خطأ يمكن أن يؤدي إلى مواجهة يصعب السيطرة عليها، بحسب المصدر ذاته.
وعن الاستفزاز وأسبابه، يشير موقع “تي أونلاين”، إلى أنّ “القيصر الروسي” يعتبر بلاده قوة عظمى في منافسة مع الولايات المتحدة، ومشكلته أنّ أميركا لم تعد ترى الأمر على هذا النحو، وتركّز على الصراع مع الصين من أجل التفوق التكنولوجي والعلمي، والكرملين يريد أن يثبت أنّ روسيا لاعب جيوسياسي، وأنه من الضروري التعامل معه في الأزمات.
وكان الكرملين قد نفى بشدة مزاعم الحرب، واتهم الولايات المتحدة بشنّ حملة تضليل تؤدي إلى تصعيد التوترات في المنطقة، حتى أنّ وكالة الاستخبارات الأجنبية الروسية، التي نادرًا ما تصدر بيانات صحافية، قالت إنّ الأميركيين يرسمون صورة مرعبة لحشود مدرعة روسية تستعد لمهاجمة المدن الأوكرانية ويزعمون أنّ لديهم معلومات موثوقة حول النيات الروسية، و”هذه المعلومات خاطئة تمامًا”.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إنه “لا يمكن للمرء أن يعرف نيات بوتين”، مشيرًا في هذا السياق إلى خشية البنتاغون من هجوم في ديسمبر/كانون الأول المقبل.