تفاعلت دول العالم مع المتحور الجديد لفيروس كورونا “كوفيد-19” المدعو بـ”أميكرون”، وبات يتصدر عناوين الأخبار دوليا وسط مخاوف وحالة ترقب شديدة للقيود المتوالية بسببه، ما يدفع إلى التساؤل حوله ومعرفة تفاصيل بشأنه، لتجيب عن ذلك عالمة فيروسات تحدثت معها “عربي21”.
وبداية، نتطرق لآخر المستجدات الخاصة بالمتحور الجديد، “أوميكرون”، إذ سارعت العديد من الدول لإغلاق مجالاتها الجوية أمام الرحلات القادمة من بعض البلدان الأفريقية التي ظهر بها متحور كورونا الجديد “أوميكرون”، فيما أصدرت منظمة الصحة العالمية تحذيرا بخصوص خطر “مرتفع للغاية”.
والجمعة الماضي، أعلنت “الصحة العالمية”، أن سلالة كورونا الجديدة في جنوب أفريقيا “متحور مثير للقلق”، فيما قال متحدث باسمها، إنه تم الإبلاغ عما يقرب من 100 تسلسل من السلالة المتحورة، ويُظهر التحليل المبكر أنها تحتوي على “عدد كبير من الطفرات” التي تتطلب مزيدا من الدراسة.
وأثار خبر اكتشاف السلالة الجديدة من فيروس كورونا خوف سكان العالم الذي بدأوا يتنفسون الصعداء قليلا، مستبشرين بقرب نهاية مأساة كورونا، قبل ظهور “أوميكرون”.
وما زالت الدراسات العلمية لم تحسم بعد مدى خطورة “أوميكرون” أو نجاعة اللقاحات لمقاومته، مقابل التأكد من سرعة انتشار المتحور الجديد.
وفي تصريح لـ”عربي21″، أكدت عالمة الفيروسات ميس عبسي، أستاذة وباحثة في الأدوية وتطوير علاجات، أن المتحور الجديد “أوميكرون” يتميز باكتسابه لمجموعة من المتغيرات في فترة قصيرة نسبيا وهي متغيرات موجودة في بعض المتحورات الأخرى، أهمها “بيتا” و”دلتا”.
وبحسب ميس عبسي، فإن “أوميكرون” يحتوي على عدد أكبر من الطفرات بالبروتين الشوكي الذي يستخدمه الفيروس للدخول إلى الخلايا، إذ يقدر عدد التغيرات بالسلالة الجديدة بـ33 متغيرا متفوقا بذلك على التغيرات في باقي السلالات.
ويضم “أوميكرون” متغيرات جديدة لم تكتشف في السلالات السابقة، ما قد يجعله أسرع في الدخول إلى الخلايا أو قد يجعل كمية الفيروس المطروحة من الشخص أكبر، إلا أنها تبقى كلها مجرد احتمالات تحتاج إلى تجارب مخبرية للتأكد منها، وفقا لتصريح الاختصاصية.
وكشفت أنه “من المرجح أن يكون “أميكرون” قد ظهر منذ حوالي شهرين إلى أن تزايد الحالات بشكل واضح خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر أدى إلى اكتشاف السلالة الجديدة”.
فئة الشباب
وبخصوص الأعراض، قالت الدكتورة عبسي إن الهيئة الصحية بجنوب أفريقيا تشير إلى أن الأعراض المسجلة لدى المصابين بسلالة “أوميكرون” متوسطة إلى حد الآن.
وأضافت: “الحالات التي تم تسجيلها حاليا بأوروبا عبارة عن أعراض متوسطة الشدة وبعضها خفيف والحالات في مجملها لأشخاص في الثلاثينيات من أعمارهم”.
وأوضحتأن “هناك احتمالين، يتمثل أولهما في أن تكون السلالة الجديدة ذات سرعة انتشار مرتفعة لكن بأعراض متوسطة وغير شديدة. أما الاحتمال الثاني فهو يتمثل في أن المتحور الجديد يستهدف فئة عمرية معينة نظرا لكون أغلب الحالات المسجلة تعود إلى شباب”.
تراجع فاعلية اللقاح
أما في ما يتعلق باللقاحات، فأشارت الأكاديمية إلى أن تصنيع كل اللقاحات الرائدة اعتمد على البروتين الشوكي للفيروس الأصلي الذي ظهر بالصين في كانون الأول/ ديسمبر 2019.
وأوضحت أنه “بين السلالة الأولى و”أوميكرون” ظهرت العديد من المتحورات الجديدة ما أدى إلى انحياز ملحوظ، ما قد يؤثر على انخفاض نجاحات اللقاحات في الحماية من الإصابة بفيروس كورونا”.
وأردفت بأنه “نظريا، وحسب شكل البروتين الشوكي لـ”أوميكرون”، فإن من المحتمل أن تنخفض فعالية كل اللقاحات ذات النجاعة المتراجعة من الأساس بعد ظهور عديد السلالات الجديدة، لكن بتفاوت”.
وبخصوص إغلاق بعض الدول حدودها الجوية أمام الرحلات القادمة من البلدان المنشأ لـ”أوميكرون”، فقد اعتبرت ميس عبسي أن هذا الإجراء غير فعال فهو يعطي للحكومات بعض الوقت وقد يبطئ موجات كورونا دون أن يمنع انتشار الفيروس في نهاية الأمر، على حد تعبيرها.
وأضافت: “بعض الدول الأوروبية قررت اللجوء إلى الإغلاق الجزئي والحظر من أجل تفادي الضغط على المستشفيات في ظل نسب التطعيم المنخفضة، على أمل استكمال عمليات التلقيح”.
سيناريو الإغلاق
واستبعدت فرضية العودة إلى سيناريو العام الماضي من خلال الإغلاق العام، ذلك أن الدول اكتسبت خبرة في التعامل مع الفيروس، إذ إن إجراءات الوقاية البسيطة من شأنها أن تقلل من عدد الإصابات.
وأكدت ميس عبسي على أهمية التقصي المبكر لسلالة “أميكرون” من أجل اتخاذ إجراءات احترازية أو التنبيه لتعديل صيغة اللقاح، مشيرة في الآن ذاته إلى أهمية الأدوية المتوفرة لاستعمالها خلال المراحل المبكرة للإصابة بفيروس كورونا، ما قد يحد من حدة الموجات.
وختمت الدكتورة حديثها بالقول إنه يجب انتظار أدلة علمية من أجل معرفة مصير فيروس كورونا.. مستدركة بأنه من السيناريوهات المحتملة أن ينتهي الأمر بكورونا مثل الإنفلونزا في ظل سرعة انتشار سلاسة “أوميكرون”، ما قد يساهم في انتشار الفيروس واكتساب مناعة وفي وقت سريع على أن يبقى التطعيم سنويا لبعض الفئات مثل الكبار في السن.
(المصدر: عربي 21)