صدر مؤخراً عن دار الفاتح (تركيا) إصدار جديد للأستاذ الدُّكتور مشهور فوَّاز رئيس المجلس الإسلامي للإفتاء في الداخل الفلسطيني (48) بعنوان : “النَّوازل الفقهية في بابي الطَّهارة والصَّلاة – دراسة معاصرة مؤصَّلة في ضوء قرارات المجامع الفقهية” حيث سيكون متوفراً في معرض القاهرة الدّولي .
وقد جاء في مقدمة الكتاب:
تزخر المذاهب الفقهية بالمسائل التي تكفل تغطية المستجدات والنَّوازل الطارئة في جميع مجالات الحياة، وهذا من خصائص ومميزات الفقه الإسلامي ومرونته وقابليته للتطبيق في كل زمان ومكان.
على خلاف ما يدَّعيه بعض دعاة الحداثة الذين أصابتهم لوثة التغريب فتمردوا على الثوابت تحت غطاء ولحاف التجديد والمعاصرة ودعوا إلى نسف وهدم كل قديم بدعوى أنه لا يصلح للتطبيق في القرن المعاصر في ظل عصر العولمة والتقنيات الحديثة (التكنولوجيا).
وكأنّ فقهنا الإسلامي جامدٌ لا يراعي الواقع ولا يراعي النّوازل ولا يراعي الضروريات ولا يراعي الحاجيات ولا يراعي المصالح ولا المفاسد.
ولو أنّ هؤلاء اطلعوا على المذاهب الفقهية بعمق وبنفسية القويّ الواثق لا بنفسية الضعيف المقلِّد المستسلم لثقافة التَّغريب المستوردة غير الواثق بنفسه لوجدَوا أنَّ الفقه الإسلامي يقوى على تلبية وتغطية كل مستجد بما يوافق الكتاب والسنة وينهض بالواقع ويدفع بعجلة التقدم والحضارة والرّقي قدماً نحو الأمام .
ولعلّ في هذا البحث وما يليه من الأبحاث من المسائل المستجدة ما يبرهن على صحة ما نقول، فإنني أتحدَّى إذا كانت هنالك مسألة مستجدة في شتى مجالات الحياة لا تجد لها سنداً في المذاهب الفقهية.
ولكن لا يوفَّق للربط بين هذه المسائل المنصوص عليها في بطون كتب المذاهب الفقهية وتكييفها في ضوء الواقع المعاصر ومواءمتها له إلا من كان له قدم راسخة في الفقه الإسلامي ولديه الملكة الفقهية التّي تؤهله للغوص بروحها.
وقبل ذلك كلّه رُزق الإخلاص والتّوفيق وأحسن الظّنّ والأدب مع سلفه من العلماء الذّين نقلوا لنا الفقه بمنتهى الأمانة والصّدق والدّقة والعمق .
ولا يخفى على أحد تلاطم الفتن في زماننا وتحكّم الأهواء واضطراب الآراء وفساد الذّمم واتباع الهوى وليِّ أعناق النّصوص الشّريعة ابتغاء المنصب وارضاءً للسلطان وحبّاً للشهرة والظّهور واستمالةً لقلوب العوام .
الأمر الذّي يحتّم علينا في المسائل المستجدة والقضايا المعاصرة وما عمّت به البلوى وما يتعلق به مصير مجتمع أو أمة وفي الضّروريات والنّوازل والملحات والمهمات ألاّ نقبل فيها اجتهاداً فردياً خصوصاً فيما يخالف ما عليه جمهور الأكابر من أهل العلم وإنّما لا بدّ من الاجتهاد الجماعي الذّي يضم جهابذة العلماء الثّقات وليس الأمر بصعب التّحقيق في زماننا حيث أصبح العالم كقرية صغيرة بسبب التّقنيات الحديثة وسهولة التّنقل .
لذا اجتهدت ألاّ أذكر مسألة مستجدة في هذه البحث إلاّ وذكرت سندها من المذاهب الفقهية مع التأصيل والتّوثيق الدّقيق إضافة لما توصلت إليه المجامع الفقهية المعاصرة بهذا الشأن حفاظاً على منهجية الاجتهاد الجماعي.
وبالوقت نفسه حفاظاً على نضارة وحيوية الفقه الإسلامي وذلك من خلال انزال النّصوص على أرض الواقع وبيان تطبيقاتها المعاصرة .