نشر موقع ميدل إيست آي (Middle East Eye) تقريرا لمها الحسيني -وهي صحفية وناشطة حقوقية من غزة- ترصد فيه ما وصفته بـ”سياسة الفصل” الإسرائيلية للأزواج الفلسطينيين.
وضربت الكاتبة مثلا بحالة سالي أبو جميزة التي لم تترك هاتفها في يوم زفافها من يدها، حيث كان أبوها البعيد عنها بموجب السياسة الإسرائيلية الجائرة على الطرف الآخر من مكالمة فيديو طوال الحفل.
وقالت والدتها تساهيل أبو جميزة للموقع البريطاني “كان يوم الزفاف من أكثر الأيام حزنا في حياتنا، فقد كانت تبكي طوال اليوم”.
وذكرت الكاتبة أنه في عام 2009، عندما كان عمر سالي 24 عاما، غادر والدها قاسم أبو جميزة مسقط رأسه في غزة للعمل في رام الله بالضفة الغربية المحتلة، على بعد 80 كيلومترا.
وفي ذلك الوقت اعتقد أبو جميزة -الذي يعمل مدير مصنع للخياطة- أن الأمر سيستغرق بضعة أيام لترتيب انضمام أسرته في غزة إليه في رام الله، ولكن بعد 14 عاما لا تزال الأسرة تنتظر لمّ الشمل.
ولفتت الحسيني إلى أنها واحدة من بين آلاف الأسر الفلسطينية المختلطة بين غزة والضفة الغربية التي تعاني من نير سياسة الفصل الإسرائيلية، حيث حرية التنقل بين الأراضي الفلسطينية مقيدة بشدة من قبل الجيش الإسرائيلي، الذي فرض حصارا بريا وبحريا وجويا على القطاع منذ عام 2007.
وتحكي تساهيل (أم لـ5 أطفال) أن إسرائيل رفضت عشرات طلبات التصاريح التي قدموها على مر السنين للسفر إلى الضفة الغربية قائلة “طوال هذه السنوات ربيت أطفالنا بمفردي، رغم تكفل والدهم بنفقاتنا”.
وأشارت الكاتبة إلى أن مطلب عشرات الفلسطينيات للسلطات الإسرائيلية بالسماح لهن بتغيير عناوينهن في بطاقات الهوية من غزة إلى الضفة، بما يتيح لهن لمّ الشمل مع الأزواج؛ يكاد يكون مستحيلا الآن، بعد أن كان سهلا نسبيا قبل الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987.
وأضافت أنه في التسعينيات فرضت إسرائيل قيودا جديدة على حرية تنقل الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وطُبقت “سياسة الفصل” من أجل “عزل” القطاع. وفي هذه الفترة أوقفت إسرائيل تحديث عناوين الفلسطينيين الذين من غزة أصلا لكنهم انتقلوا إلى الضفة الغربية في نسختها من سجل السكان الفلسطينيين، والتعامل معهم الآن يتم على أنهم “أجانب غير شرعيين”. وعقب فرض الحصار على غزة أصبح مستحيلا عمليا خروج الفلسطينيين من القطاع.
وألمحت الحسيني إلى ما تقوله مجموعة “جيشا” الحقوقية الإسرائيلية عن سماح إسرائيل بالتحركات في اتجاه واحد، بغض النظر عن الجنس، من الضفة إلى غزة والإجراءات التي تجعل من الصعب لسكان الضفة الغربية مغادرة غزة بمجرد الذهاب إليها؛ بأن هذا الإجراء “يشكل فعليا نقلا قسريا، وهو انتهاك خطير للقانون الدولي يرقى إلى جريمة حرب”، وتضيف “جيشا” أن السلطات الإسرائيلية تستخدم ذلك أداة “للهندسة الديموغرافية”.
وختمت الكاتبة تقريرها بحالة هديل القصاص (25 عاما) التي لم تتمكن من لقاء خطيبها من الخليل منذ الخطوبة قبل 8 سنوات، حيث رُفضت كل طلباتها لتغيير العنوان والزيارة، ولا تزال ترفض لأسباب أمنية تتعلق بصغر سنها، قائلة “المكان الوحيد على هذا الكوكب الذي تتمنى ألا تكون صغيرا فيه هو غزة”.