الاربعاء 16 اغسطس 2023 10:23 م بتوقيت القدس
في ورقة مواقف جديدة تم نشرها في أوروبا تتّضح أحجام التكلفة الاقتصادية لواحد من أكثر الأمراض انتشارًا في العالم: مرض أتوبيك ديرماتيتيس. بحسب النتائج، يؤدّي المرض في كل سنة إلى إنفاق 30 مليار يورو في أوروبا، وينصح الخبراء بالعمل على زيادة الوعي حول المرض الذي قد تكون تداعياته قاسية، والعمل على إتاحة علاجات إضافية، وتمويل أبحاث والاهتمام أيضًا بالصعوبات النفسية - الاجتماعية التي قد يعاني منها مرضى أتوبيك ديرماتيتيس.
أتوبيك ديرماتيتيس هو من الأمراض الالتهابية المزمنة التي تثقل كاهل المتعالجين والمجتمع ومؤسسات الخدمات الطبيّة. بحسب التقديرات بين 3% - 10% من جميع البالغين ونحو 20% من الأولاد في الدول الغربية يعانون من أتوبيك ديرماتيتيس. حوالي 40% يعانون من المرض بدرجة متوسّطة وحتى شديدة.
ويتبيّن من أبحاث اقتصادية هدفت لتقدير التكلفة المباشرة وغير المباشرة المترتّبة على المرض أن أتوبيك ديرماتيتيس يسبّب تكاليف اقتصادية هائلة للمرافق العامة والاقتصاد. بحسب التقديرات، تقدّر التكاليف بـ 30 مليار يورو في أوروبا: 15.2 مليار يورو نتيجة خسارة أيام عمل أو انخفاض في الإنتاجية، 10.1 مليار يورو نتيجة التكاليف الطبيّة لعلاج المرض و4.7 مليار يورو نتيجة التكاليف الشخصية للمتعالجين أو أبناء عائلاتهم.
ويظهر مرض أتوبيك ديرماتيتيس لدى البالغين على شكل حكّة لا يمكن التحكّم بها، جفاف بالجلد، طفح جلدي في مناطق محدّدة تتغيّر بحسب عمر المتعالج (مثل الأكواع، ثنايا الركبتين، الرقبة، اليدين، تحت الأذنين، الجفون وما أشبه) وفي بعض الأحيان تظهر على شكل نُدوب وإفرازات سائلة في الجلد نتيجة التهاب أو تلوّث. ويتمّ تشخيص المرض من قبل طبيب الجلد أو طبيب المناعة الذي يرتكز على النتائج التي يراها في الفحوصات الجسدية.
قد يؤثّر مرض أتوبيك ديرماتيتيس بشكل كبير على جودة حياة المرضى على المستوى الجسدي، النفسي والاجتماعي. وأظهرت عدّة أبحاث أن الصعوبة المركزية في مواجهة المرض هي التعامل مع الحكّة. وقد يؤدّي الشعور الشديد بالحكّة إلى عدم القدرة على النوم، فالمرضى يشعرون بالرّغبة بالحكّة بشكل لا إرادي حتّى في ساعات الليل، ويستصعبون النوم نتيجةً لذلك. كما أن الحكّة قد تؤثّر على ثقة المريض بنفسه بسبب المظهر الخارجي للجلد. كل هذه العوامل بإمكانها أن تؤدّي إلى مشاكل نفسية اجتماعية للّذين يعانون من أتوبيك ديرماتيتيس، ومع الوقت قد يؤثّر سلبًا أيضًا على بعض اختيارات المتعالجين، مثل اختيارات المهنة أو الالتحاق بالدّراسة.
علاجات تساهم في السيطرة على المرض لفترة طويلة
أعدّت مجموعة عمل تتكوّن من أخصّائيين أوروبيين في مجال أتوبيك ديرماتيتيس (European Atopic Dermatitis Working Group) والتي تشمل أطبّاء جلد، اقتصاديين في مجال الصحّة وممثّلين عن المرضى، ورقة مواقف هدفها أن تعرض على الجمهور العام ومتّخذي القرارات التحديّات الكبيرة المتعلّقة بعلاج المرض وشكل التعاون مع بعض المؤسسات من أجل التخفيف من التكاليف الباهظة المترتّبة على علاج مرض أتوبيك ديرماتيتيس.
وبحسب ورقة المواقف الجديدة تقرّر بأنه يجب بذل الجهود من أجل الاعتراف بمرض أتوبيك ديرماتيتيس كمرض قد يكون تأثيره قاسيًا وصعبًا وأنه يجب العمل على زيادة التوعية لدى الجمهور العام الواسع وواضعي السياسات، موظفي جهاز الصحّة وما شابه. ويشار إلى أن وزارة الصحّة قد اعترفت في العام الماضي -ولأول مرّة- بمرض أتوبيك ديرماتيتيس كمرض مزمن.
وتوصّل الأخصّائيون إلى استنتاج إضافي وهو أن هناك حاجة لإتاحة علاجات للمرض بشكل أفضل من شأنها السيطرة على المرض لفترة طويلة، وبالتالي تخفيف العبء الناجم عن المرض وتحسين جودة حياة المرضى. توجد اليوم عدّة مجموعات لعلاج أتوبيك ديرماتيتيس: الامتناع عن المحفّزات ودهن الجلد بواسطة كريمات مرطّبة. إضافةً إلى ذلك، العلاجات الموضعية التي ترتكز على الستيرويدات، والتي تُعطى وفقًا لشدّة المرض، وبإرشاد ومراقبة طبيب. هنالك أيضًا علاجات موضعية ليست ستيرويدات.
وثمّة وسيلة إضافية للتعامل مع مرض أتوبيك ديرماتيتيس وهو العلاج بالضوء (Phototherapy - علاج بالأشعة فوق البنفسجية). وعندما تكون هذه الوسائل غير كافية، يُعرض على المتعالجين علاجات عن طريق الفم، والتي وظيفتها إضعاف نشاط جهاز المناعة بنسبة كافية لتخفيف عوارض الالتهاب.
وفي السنوات الأخيرة أضيفت مجموعات علاجية توفّر خطًّا علاجيًا آخر في مجال أتوبيك ديرماتيتيس- العلاجات البيولوجية ومجموعة "JAKi". هذه العلاجات البيولوجية الجديدة "تعترض" بشكل محدّد عمل الناقلات الالتهابية المركزية التي تؤدّي للمرض وتخفّف بشكل كبير من أعراضه. مجموعة "JAKi" هي أدوية تعمل بنظام يقوم بإبطاء عمل أنزيمات "JAK" التي تشارك في ردّة الفعل الالتهابية.
وهناك استنتاج آخر وصل إليه المختصّون في إطار ورقة الموقف الجديدة، وبموجبه يجب بذل جهود كبيرة من أجل تمويل وتشجيع إجراء أبحاث إضافية في مجال أتوبيك ديرماتيتيس بدرجته الشديدة. وبحسب الأخصّائيين، قد تؤثّر هذه الأبحاث على المرضى وجهاز الصحّة والمجتمع برمّته.
وفي الختام، ينصح المختصّون باتّباع منهج متعدّد المجالات لعلاج المرض ودعم المرضى من خلال إعطاء أولوية لبرامج التثقيف والتوعية لمرضى أتوبيك ديرماتيتيس وأبناء عائلاتهم في مرحلة المرض الشديدة، وتشجيع شمل احتياجات متعالجي أتوبيك ديرماتيتيس - بما في ذلك النفسية والاجتماعية - في برامج العلاج، ومحاولة وضع برامج دعم لمحاربة ظاهرة "وصم" مرضى أتوبيك ديرماتيتيس، وبالتالي محاولة تحسين طرق الاكتشاف المبكر للمرض لمنع الضرر المتراكم على جودة حياة المتعالجين.
لمعلومات إضافية أو أسئلة يجب التوجّه للطبيب المعالج.