تبدي سلطات الاحتلال الإسرائيلي خشيتها من تزعزع قبضة السلطة الفلسطينية على الضفة الغربية، التي تسعى لتحقيق المصلحة الأمنية الإسرائيلية، في حين أن الهجمات الأخيرة في حوارة وجنوب الخليل، وعمليات إطلاق النار قبل أشهر، التي نفذها عناصر حماس تشهد على تعزيز قوة الحركة في الضفة الغربية.
وذكرت رئيسة برنامج فلسطين في مؤسسة التفكير الإسرائيلي نوعا شوسترمان دفير، أن “موقف رؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لا ينبع من محبتهم للفلسطينيين، بل من إدراكهم أن من يحرك الأحداث الآن، هم التنظيمات المسلحة، وانهيار السلطة الفلسطينية يعني خلق فراغ سيستمر، وسيسمح لهذه المنظمات بالنمو والنمو؛ لأن تزايد اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى تزيد من التوترات، بما في ذلك الاستفزازات القادمة من غزة، وأمام هذه الفترة المتوترة، فلا بد من تعزيز أيدي الجهاز الأمني العامل بكل حزم للقضاء على العمليات، وتشجيعه على مواصلة العمل بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، وتقليص الضجيج الخلفي من جانب السياسيين”.
وأضافت في مقال نشرته “القناة 12″، أن “الأحداث الجارية هذه المرحلة تذكرنا بما حصل قبل عام ونصف، حين بدأت سلسلة الهجمات الفلسطينية الحالية وأدت لعملية كاسر الأمواج، المتمثلة بزيادة اقتحامات قوات الجيش للمناطق (أ) بالضفة الغربية، وباتت واقعة تحت سيطرتها، مع العلم أنه بعد وقت قصير من بدء العملية، خرجت ظاهرة جديدة اسمها عرين الأسود، جمعت بين شبان فلسطينيين من مختلف الانتماءات السياسية، عملوا ضد أهداف إسرائيلية في شمال الضفة الغربية بشكل رئيسي، وأتاحت للمنظمات المسلحة غطاء ملائما”.
وأشارت إلى أن “الجيش الاسرائيلي انشغل بتحييد واغتيال قيادة ونشطاء الكتائب الجديدة التي اكتسبت زخما ميدانيا، ولم يمانع قادة حماس أن تتحمل كتيبة جنين أو كتيبة طولكرم المسؤولية عن العملية، لكنها في الواقع كانت عبارة عن مزيج من النشطاء من جميع التنظيمات التي عملت بشكل مشترك ضد العدو الإسرائيلي، وقد حظيت باهتمام الجيش والجمهور الفلسطيني والساحة الدولية، فيما تراجعت شعبية السلطة الفلسطينية، وواصلت إسرائيل عملياتها المكثفة في الضفة الغربية، وأطلقت عملية “البيت والحديقة” في شهر تموز/ يوليو بمخيم جنين، وبعدها جاء وفد من السلطة لتقديم التعازي، والمشاركة في تشييع الشهداء، لكن الوفد تم طرده، مما شكل وصمة عار”.
وأكدت أن “هذا الحدث كان بمنزلة نداء استيقاظ لأبي مازن، وفي الأسابيع الأخيرة بدأت أجهزته الأمنية نشاطا مكثفا في المناطق التي عانت من غياب الحكم، بما في ذلك مخيما جنين وبلاطة للاجئين، وعادت للعمل هناك بينما يعمل الجيش في الوقت نفسه، وبتنسيق متزايد على ما يبدو، مما يجعل من تزايد النشاط المسلح الذي تقوم به حماس معارضا للتحركات التي يروج لها أبو مازن لتعزيز قبضته على الضفة، الأمر الذي دفع إسرائيل لإعادة تبني السياسة التي بموجبها يجب اتخاذ إجراءات لتعزيز السلطة، رغم محاولات الوزيرين بن غفير وسموتريتش رسم سياسة مختلفة”.
وأشارت إلى أنه “حان الوقت لدعم السلطة الفلسطينية، والتصرف ضد سياسة حماس في الضفة الغربية القائمة على تجنيد وتسليح العناصر دون الإضرار بمصالحها الأساسية في غزة، وتستقر في مخيمات اللاجئين، وفي هذا السياق يتعين على إسرائيل توحيد قواتها مع السلطة الفلسطينية، التي تبدي استعدادا أكبر للتحول، وتحسين القدرات، وهذا العمل لا يمكن أن يتجاهل ما يحدث في غزة، حيث يجب جباية الأثمان من حماس هناك، لكن مهمٌ التذكر أن أي عملية كهذه من حماس، قد تؤدي لجولة أخرى يجب الاستعداد لها، باستراتيجية مختلفة عن الجولات السابقة”.
وتكشف هذه الدعوة الإسرائيلية أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت، يدركان، مثل المؤسسة الأمنية، أن تفكك السلطة أو انهيارها، يعني تعزيز قوة حماس بالضفة الغربية، وتشكيل تهديد متزايد للمراكز السكانية في المؤسسة الإسرائيلية ولأن الأهمية الاستراتيجية للضفة، وزيادة نفوذ حماس فيها، كما فعلت في غزة، قد تؤدي لاستعادة الجيش سيطرته على الضفة، والسيطرة المباشرة على ملايين الفلسطينيين، وليس من قبيل الصدفة أن توصي وزارة الشؤون القانونية بعدم الترويج لخطة سموتريش لتعزيز المستوطنات، لأنه يضعف السلطة بشكل كبير، ويزيد الاحتكاك مع المستوطنين، ويعزز الدعم للمقاومة بين الفلسطينيين.