الاثنين 30 اكتوبر 2023 14:08 م بتوقيت القدس
نصح الكاتب الأميركي المعروف توماس فريدمان باستلهام إسرائيل النموذج الهندي في التعامل مع مثل الأحداث التي تعرضت لها إثر الهجوم المفاجئ للمقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وفي مقاله -الذي اختار له عنوان: "أرجوكم لا تضيعوا داخل أنفاق حماس!"- دعا فريدمان إسرائيل إلى التريث وإمعان النظر في مآلات أي رد فعل متسرع على توغل مقاتلي المقاومة الفلسطينية إلى داخل أراضيها، وما يمكن أن يترتب على أي انتقام من أثمان باهظة.
وأعاد إلى الأذهان حادثة تسلل 10 من مقاتلي جماعة لشكر طيبة "التي يعتقد على نطاق واسع أن لها ارتباطات بالاستخبارات العسكرية الباكستانية" إلى داخل الهند وقتلها أكثر من 160 شخصا في مدينة مومباي في نوفمبر/تشرين الثاني 2008.
فماذا كان رد فعل رئيس الوزراء الهندي في ذلك الوقت مانموهان سينغ؟ يجيب فريدمان في مقاله بصحيفة "نيويورك تايمز" بالقول إن الرجل لم ينتقم عسكريا قط من باكستان، أو يضرب معسكرات لشكر طيبة داخل باكستان. بل التزم ضبط النفس.
وشرح وزير خارجية الهند آنذاك، شيفشانكار مينون، في كتابه "خيارات: داخل صناعة السياسة الخارجية للهند"، الأسباب التي دعت سينغ لتبني تلك السياسة القائمة على عدم الأخذ بالثأر عسكريا، واتباع الدبلوماسية والسرية وسائل للرد على الهجوم.
وفي مقارنته بين تعامل نيودلهي وتل أبيب مع الحادثتين، يرى فريدمان أن من المفيد التأمل في التناقض بين ردود فعل البلدين على عملية مومباي "الإرهابية" وما وصفها "بالمذبحة" التي نفذتها حركة حماس.
وقال إن رواية الهجوم على إسرائيل ما لبثت أن تحولت وجعلت من مقاتلي حماس أبطالا في نظر بعض الأشخاص. كما أنها أجبرت "حلفاء" إسرائيل الجدد من العرب في اتفاقيات أبراهام على النأي بأنفسهم عن "الدولة اليهودية".
ويعتقد الكاتب أنه في حكم المؤكد تقريبا بعد استدعاء إسرائيل نحو 360 ألفا من جنود الاحتياط أن يعاني اقتصادها من الكساد، وأن ينكمش بأكثر من 10% على أساس سنوي خلال الربع الأخير من العام، إذا استغرق اقتلاع حماس من غزة أشهرا كما هو متوقع.
وانتقد المقال حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على تسرعها في وضع خطة تهدف إلى "محو حماس من على وجه الأرض".
وأوضح أنه تابع عن كثب رد فعل رئيس الوزراء الهندي الأسبق مانموهان سينغ "الفريد" على الهجمات "الإرهابية" في مومباي في ذلك الحين. وقال إنه دعا على الفور أن يكون رد فعل إسرائيل مركزا على الأهداف ومدروسا.
فريدمان: كان ينبغي أن تطلق إسرائيل على عمليتها العسكرية في غزة اسم "أنقذوا رهائننا"
وزاد فريدمان على ذلك بالقول إنه كان ينبغي أن تطلق إسرائيل على عمليتها العسكرية في غزة اسم "أنقذوا رهائننا"، بالتركيز على القبض على خاطفي الرهائن وقتلهم، حسب تعبيره.
وأضاف أن المسؤولين الإسرائيليين الذين تحدث إليهم أخبروه بأنهم يعرفون أمرين مؤكدين هما أن حماس لن تحكم غزة مرة أخرى، وأن إسرائيل لن تحكم غزة ما بعد حماس. ويقترحون أنهم سيضعون ترتيبا مماثلا لما هو قائم في أجزاء من الضفة الغربية اليوم، حيث يدير الفلسطينيون في القطاع الحياة اليومية، بينما توفر فرق الجيش الإسرائيلي وفرق الأمن التابعة للشاباك القوة وراء الكواليس.
ويصف الكاتب الأميركي هذه الخطة بأنها نصف ناضجة، ذلك أن من سيتم تجنيدهم من الفلسطينيين لتنفيذها سيكون مصيرهم القتل، على حد زعمه، وأن إسرائيل ستتحمل تكاليف السيطرة على غزة، وتوفير الرعاية الصحية والتعليم لسكانها. ثم إن تكلفة احتلال غزة يمكن -برأيه- أن ترهق الجيش والاقتصاد الإسرائيليين لسنوات مقبلة.
ويؤكد أن إسرائيل ليس لديها خطة قابلة للتطبيق للفوز أو زعيم يمكنه التغلب على ضغوط وتعقيدات هذه الأزمة، مضيفا أن على إسرائيل أن تبقي الباب مفتوحا أمام هدنة لأسباب إنسانية، ولتبادل الأسرى، وهو سيسمح لإسرائيل أيضا بالتريث والتفكير في مآلات عمليتها العسكرية "المتسرعة" في غزة، وفي الثمن الذي يمكن أن تدفعه على المدى البعيد.
ويخلص فريدمان إلى أن من شأن هذا التريث أن يسمح لسكان غزة أيضا بتقييم ما فعله هجوم حماس في إسرائيل على حياتهم وعائلاتهم ومنازلهم وأعمالهم.
وختم بالقول إن حماس خصصت "جميع مواردها تقريبا لبناء أنفاق هجومية. أرجوكم يا إسرائيل، لا تضيعوا في تلك الأنفاق!".